درباره پایگاه  اضافه کردن به علاقه مندیها  نقشه سایت  صفحه اصلی
 

صفحه اصلی > کتابخانه

المقدمة

الحمد للّه ربّ العالمين، والسلام والصلاة على محمّد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الدين.

الحجّ أحد أركان الدين، ومن أوكد فرائض المسلمين، المعدود من الضروريّات، قال اللّه تعالى:

«وللّه على النّاس حجّ البيت من استطاع إليه سبيلا»(1).

غير خفيّ على الناقد البصير ما في الآية الشريفة من فنون التأكيد، وضروب الحثّ والتشديد، ولا سيّما ما عرض به تاركه من لزوم كفره وإعراضه عنه بقوله عزّ شأنه: «ومن كفر فإن اللّه غنيّ عن العالمين»(2)، وعن الصادق عليه‏السلام في قوله عزّ من قائل: «من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا»(3) ذاك الذي يسوّف الحجّ، يعني حجّة الاسلام حتّى يأتيه الموت»(4).

وعنه عليه‏السلام : «من مات وهو صحيح مؤسر لم يحجّ، فهو ممّن قال اللّه تعالى: ونحشره يوم القيامة أعمى»(5).

 


1ـ آل عمران / 97.

2ـ آل عمران / 97.

3ـ آل عمران / 97.

4ـ الوسائل، ج8، ص17.

5ـ الوسائل، ج8، ص18.

الصفحة 11)

*********

وعنه عليه‏السلام : «ما مات ولم يحجّ حجّة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تحجف به أو مرض لا يطيق فيه الحجّ أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا»(1).

وفي آخر: «من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه اللّه يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا»(2).

وفي آخر: «من تخلّف رجل عن الحجّ إلاّ بذنب وما يعفو اللّه أكثر»(3).

وعنهم عليهم‏السلام مستفيضا: «بنى الإسلام على خمس: الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والولاية».

والحجّ فرضه ونفله عظيم فضله، خطير أجره، جزيل ثوابه، جليل جزاؤه، وكفاه ما تضمّنه من وفود العبد على سيّده، ونزوله في بيته ومحلّ ضيافته وأمنه، وعلى الكريم إكرام ضيفه وإجارة الملتجى‏ء إلى بيته، فعن الصادق عليه‏السلام : «الحاجّ والمعتمر وفد اللّه إن سألوه أعطاهم، وإن دعوه أجابهم، وإن شفّعوا شفّعهم، وإن سكتوا بدءهم، ويعوضون بالدرهم ألف ألف درهم»(4).

وعنه عليه‏السلام : «الحجّ والعمرة سوقان من أسواق الآخرة اللازم لهما في ضمان اللّه، إن أبقاه أداه إلى عياله، وإن أماته أدخله الجنّة»(5).

وفى آخر: «إن أدرك ما يأمل غفر اللّه له، وإن قصر به أجله وقع أجره على اللّه عزّوجلّ»(6).

وفى آخر: «فإن مات متوجّها غفر اللّه له ذنوبه، وإن مات مُحرِما بعثه ملبّيا، وإن مات بأحد الحرمين بعثه من الآمنين، وإن مات منصرفا غفر اللّه له جميع ذنوبه»(7).

وفي الحديث: «إنّ من الذنوب ما لا يكفره إلاّ الوقوف بعرفة».


1ـ الوسائل، ج8، ص18.

2ـ الوسائل، ج8، ص19.

3ـ الوسائل، ج8، ص20.

4ـ الوسائل، ج8، ص68.

5ـ الوسائل، ج8، ص87.

6ـ الوسائل، ج8، ص69.

7ـ الوسائل، ج8، ص68.

الصفحة 12)

*********

وعنه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في مرضه الذي توفّى فيه في آخر ساعة من عمره الشريف: «يا أباذر، إجلس بين يدي أعقد بيدك من ختم له بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه دخل الجنّة» إلى أن قال: «ومن ختم له بحجّة دخل الجنّة، ومن ختم له بعمرة دخل الجنّة»(1) الخبر.

وعنه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «وفد اللّه ثلاثة الحاجّ والمعتمر والغازي دعاهم اللّه فأجابوه، وسألوه فأعطاهم»(2).

وسئل الصادق عليه‏السلام رجل في مسجد الحرام من أعظم الناس وزرا؟ فقال: «من يقف بهذين الموقفين عرفة والمزدلفة وسعى بين هذين الجبلين ثمّ طاف بهذا البيت وصلّى خلف مقام ابراهيم ثمّ قال في نفسه وظنّ أنّ اللّه لم يغفر له، فهو من أعظم الناس وزرا»(3).

وعنهم عليهم‏السلام : «الحاجّ مغفور له، وموجوب له الجنّة، ومستأنف به العمل، ومحفوظ في أهله وماله، وإنّ الحجّ المبرور لا يعدله شيء، ولا جزاء له إلاّ الجنّة، وإنّ الحاجّ يكون كيوم ولدته أمّه، وإنّه يمكث أربعة أشهر تكتب له الحسنات، ولا تكتب عليه السيّئات إلاّ أن يأتي بموجبه، فإذا مضت الأربعة الأشهر خلط بالناس، وإنّ الحاجّ يصدرون على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيأة يوم ولدته أمّه، وصنف يحفظ في أهله وماله، فذلك أدنى ما يرجع به الحاجّ، وأنّ الحاجّ إذا دخل مكّة وكّل اللّه به ملكين يحفظان عليه طوافه وصلاته وسعيه، فإذا وقف بعرفة ضربا منكبه الأيمن، ثمّ قالا: أمّا ما مضى فقد كفيته، فانظر كيف تكون في ما تستقبل»(4).

وفي آخر: «وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم بنيتم بنيانا فلا تنقضوه، كفيتم ما مضى فأحسنوا في ما تستقبلون».

وفي آخر: «إذا صلّى ركعتي طواف الفريضة يأتيه ملك فيقف عن يساره،


1ـ مستدرك الوسائل، ج2، ص122.

2ـ مستدرك الوسائل، ج8، ص41.

3ـ الوسائل، ج8، ص64.

4ـ الوسائل، ج8، ص64.

الصفحة 13)

*********

فإذا انصرف ضرب بيده على كتفه فيقول: يا هذا، أمّا ما قد مضى فقد غفر لك، وأمّا ما يستقبل فجدّ»(1).

وفي آخر: «إذا أخذ الناس منازلهم بمنى نادى مناد لو تعلمون بفناء من حلّلتم لأيقنتم بالخلف بعد المغفرة»(2).

وفي آخر: «إن أردتم أن أرضى فقد رضيت»(3).

وعن الثمالى قال: قال رجل لعلي بن الحسين عليهماالسلام : «تركت الجهاد وخشونته ولزمت الحجّ وليّنه فكان متّكئا فجلس وقال: ويحك، أمّا بلغك ما قال رسول اللّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في حجّة الوداع إنّه لمّا وقف بعرفة وهمّت الشمس أن تغيب، قال رسول اللّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : يا بلال، قل للناس فلينصتوا، فلمّا أنصتوا قال: إنّ ربّكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم، وشفّع محسنكم في مسيئكم فأفيضوا مغفورا لكم»(4).

وقال النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لرجل مميل فاته الحجّ والتمس منه ما به ينال أجره: «لو أنّ أباقبيس لك ذهبة حمراء فأنفقه في سبيل اللّه تعالى ما بلغت ما يبلغ الحاجّ»، وقال: «إنّ الحاجّ إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا ولم يضعه إلاّ كتب اللّه له عشر حسنات، ومحى عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات، وإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه إلاّ كتب اللّه له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، قال: فعدّ رسول اللّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله كذا وكذا موقفا إذا وقفها الحاجّ خرج من ذنوبه»، ثمّ قال: «أنّى لك أن تبلغ ما يبلغ الحاجّ»(5).

وقال الصادق عليه‏السلام : «إنّ الحجّ أفضل من عتق رقبة بل سبعين رقبة» بل ورد


1ـ الوسائل، ج8، ص80.

2ـ الوسائل، ج8، ص65.

3ـ الوسائل، ج8، ص68.

4ـ الوسائل، ج8، ص65.

5ـ الوسائل، ج8، ص79.

الصفحة 14)

*********

أنّه: «إذا طاف بالبيت وصلّى ركعتيه كتب اللّه له سبعين ألف حسنة، وحطّ عنه سبعين ألف سيئة، ورفع له سبعين ألف درجة، وشفّعه في سبعين ألف حاجة، وحسب له عتق سبعين ألف رقبة، قيمة كلّ رقبة عشرة آلاف درهم، وإنّ الدرهم فيه أفضل من ألفي ألف درهم في ما سواه من سبيل اللّه تعالى، وإنّه أفضل من الصيام والجهاد والرباط، بل من كلّ شيء ما عدا الصلاة»(1)، بل في خبر آخر إنّه أفضل من الصلاة أيضا، ولعلّه لاشتماله على فنون من الطاعات لم يشتمل عليها غيره حتّى الصلاة التى هي أجمع العبادات، أو لأنّ الحجّ فيه صلاة، والصلاة ليس فيها حجّ أو لكونه أشقّ من غيره، وأفضل الأعمال أحمزها، والأجر على قدر المشقّة.

يستحبّ تكرار الحجّ والعمرة وإدمانهما بقدر القدرة، فعن الصادق عليه‏السلام : قال رسول اللّه صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «تابعوا بين الحجّ والعمرة، فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد»(2).

وقال عليه‏السلام : «حجّ تترى وعمرة تسعى يدفعانّ عيلة الفقر وميتة السوء».

وقال علي بن الحسين عليه‏السلام : «حجّوا واعتمروا؛ تصحّ أبدانكم، وتتّسع أرزاقكم، وتكفون مؤنة عيالكم»(3).

كما يستحبّ الحجّ بنفسه كذا يستحبّ الإحجاج بماله، فعن الصادق عليه‏السلام : «أنّه كان إذا لم يحجّ أحجّ بعض أهله، أو بعض مواليه، ويقول لنا: يا بنيّ إن استطعتم فلا يقف الناس بعرفات إلاّ وفيها من يدعو لكم، فإنّ الحاجّ ليشفع في ولده وأهله وجيرانه»(4) .

وقال ابو عبداللّه عليه‏السلام لاسحاق بن عمّار لمّا أخبره أنّه موطن على لزوم الحجّ كلّ عام بنفسه أو برجل من أهله بماله: «فأيقن بكثر المال والبنين، أو أبشر بكثرة المال»(5).

 


1ـ الوسائل، ج8، ص85.

2ـ الوسائل، ج8، ص87.

3ـ الوسائل، ج8، ص5.

4ـ مستدرك الوسائل، ج8، ص50.

5ـ ثواب الأعمال، ص70.

الصفحة 15)

*********

وفى كلّ ذلك روايات مستفيضة يضيق عن حصرها المقام، ويظهر من جملة منها أنّ تكرارها ثلاثا أو سنة وسنة لا إدمان، ويكره تركه للموسر في كلّ خمس سنين، وفي عدّة من الأخبار: «أنّ من أوسع اللّه عليه وهو موسر ولم يحجّ في كلّ خمس ـ وفي رواية: أربع سنين ـ إنّه لمحروم».

وعن الصادق عليه‏السلام : «من أحجّ أربع حجج لم يصبه ضغطة القبر»(1).

من أهمّ ما ينبغي رعايته في هذا السفر احتسابه من سفر آخرته بالمحافظة على تصحيح النيّة، وإخلاص السريرة، وأداء حقيقة القربة، والتجنّب عن الرياء، والتجرّد عن حبّ المدح والثناء، وأن لا يجعل سفره هذا على ما عليه كثير من مترفي عصرنا من جعله وسيلة للرفعة والافتخار، بل وصلة إلى التجارة والانتشار ومشاهدة البلدان وتصفّح الأمصار، وأن يراعي أسراره الخفيّة ودقائقه الجليّة كما يفصح عن ذلك ما أشار إليه بعض الأعلام: إنّ اللّه تعالى سنّ الحجّ ووضعه على عباده إظهارا لجلاله وكبريائه، وعلوّ شأنه وعظم سلطانه، وإعلانا لرقّ الناس وعبوديّتهم وذلّهم واستكانتهم، وقد عاملهم في ذلك معاملة السلاطين لرعاياهم، والملاك لمماليكهم، يستذلّونهم بالوقوف على باب بعد باب واللبث في حجاب بعد حجاب، وإنّ اللّه تعالى قد شرّف البيت الحرام وأضافه إلى نفسه، واصطفاه لقدسه، وجعله قياما للعباد، ومقصدا يؤمّ من جميع البلاد، وجعل ما حوله حرما، وجعل الحرم آمنا، وجعل فيه ميدانا ومجالاً وجعل له في الحلّ شبيها ومثالاً، فوضعه على مثال حضرة الملوك والسلاطين، ثمّ أذّن في الناس بالحجّ ليأتوه رجالاً وركبانا من كلّ فجّ، وأمره بالاحرام وتغيير الهيأة واللباس شعثا غبرا متواضعين مستكينين، رافعين أصواتهم بالتلبية، وإجابة الدعوة، حتىّ إذا أتوه كذلك حجبهم عن الدخول، وأوقفهم في حجبه يدعونه ويتضرّعون إليه حتّى إذا طال تضرّعهم


1ـ الوسائل، ج8، ص98.

الصفحة 16)

*********

واستكانتهم ورجموا شياطينهم بجمارهم، وخلعوا طاعة الشيطان من رقابهم، أذن لهم بتقريب قربانهم وقضاء تفثهم، ليطهّروا من الذنوب التي كانت هي الحجاب بينهم وبينه، وليزوروا البيت على طهارة منهم، ثمّ يعيدهم فيه بما يظهر معه كمال الرقّ وكنه العبوديّة، فجعلهم تارةً يطوفون فيه، ويتعلّقون بأستاره، ويلوذون بأركانه، وأخرى يسعون بين يديه مشيا وعدوا، ليتبيّن لهم عزّ الربوبيّة، وذلّ العبوديّة، وليعرفوا أنفسهم، ويضع الكبر من رؤوسهم، ويجعل نير الخضوع في أعناقهم، ويستشعروا شعار المذلّة، وينزعوا ملابس الفخر والعزّة، وهذا من أعظم فوائد الحجّ، مضافا إلى ما فيه من التذكّر بالإحرام والوقوف في المشاعر العظام لأحوال المحشر، وأهوال يوم القيامة؛ إذ الحجّ هو الحشر الأصغر، وإحرام الناس وتلبيتهم وحشرهم إلى المواقف ووقوفهم بها والهين متضرّعين راجعين إلى الفلاح أو الخيبة والشقاء أشبه شيء بخروج الناس من أجدائهم، وتوشّحهم بأكفانهم، واستغاثتهم من ذنوبهم، وحشرهم إلى صعيد واحد إلى نعيم أو عذاب إليم، بل حركات الحاجّ في طوافهم وسعيهم ورجوعهم وعودهم يشبه أطوار الخائف الوجل والمضطرب المدهوش الطالب ملجأً ومفزعا نحو أهل المحشر في أحوالهم وأطوارهم، فبحلول هذه المشاعر والجبال والشعب والتلال ولدى وقوفه بمواقفه العظام يهون ما بأمامه من أهوال يوم القيامة من عظائم يوم المحشر، وشدائد النشر، عصمنا اللّه وجميع المؤمنين، ورزقنا فوزه يوم الدين، آمين ربّ العالمين، وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين.

وفى الختام نسأل اللّه‏ عزّوجلّ أن يبرّ حجّكم ويشكر سعيهم ويتقبّل أعمالهم بأحسن القبول ونرجو من اللّه تعالى التوفيق، ومنكم أيّها الحجّاج الكرام والزّائرين الأعزّاء دعاء الخير وحسن العاقبة لأخيكم.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه‏ ربّ العالمين

الصفحة 17)

*********

 

پایگاه اطلاع رسانی دفتر حضرت آیت الله العظمی محمد رضا نکونام(مدّظلّه العالی) |صفحه اصلیصفحه اصلی  نقشه سایتنقشه سایت  آر اس اس آر اس اس  پادکست پادکست  پخش آنلاین دروس پخش آنلاین دروس  درباره پایگاهدرباره پایگاه

copyright 2007-2013 تمامی حقوق این سایت متعلق به دفتر حضرت آیت الله العظمی محمد رضا نکونام (مدّظلّه العالی) می باشد و استفاده از مقالات ، کتاب ها و... با ذکر منبع بلامانع است