الطريقان المرسومان في باب الآيات في الأحكام آية آية أو باب إلى باب، لكلّ وجه منها حُسن، مع أنّ الطريقة التبويب أحسن؛ طریقتنا التبویب.هذه الرسالة تكون المجلّد الأوّل من آيات الأحكام.
 
 

المدخل

رغم أنف عدم اهتمام المسلمين بالقران الكريم لفهم حقائق معاني آياته من طريق درك دقائق ألفاظه وكلماته، كانت آيات الأحكام محلّ العناية لكثير من فحول العلماء؛ حيث وضعوا كتبا وتصانيف بعضها العمدة في هذا الباب، منها: «زبدة البيان» للمقدس(1)، «مسالك الأفهام»(2) للفاضل الجواد أبي النصر محمد بن السائب الكوفي من أصحاب الإمامين سنة 146ق، محمد بن إدريس من أهل السنة سنة 204ق، أحمد بن علي الرازي المشهور بجصاص سنة 370ق وهو من أحسنها في ثلاث مجلّدات، قطب الدين راوندي(3) سنة 573 ه ق، «كنز العرفان في فقه القران» للمقداد بن عبداللّه السيوري الحلي الأسدي المعروف بفاضل المقداد(4) وغيرهم.

قال المقدّس: إنّه المشهور بين الطلبة أنّه لا يجوز تفسير القران بغير نصّ كما قيل: «من فسّر القران برأيه فأصاب الحق فقد أخطأ»، وكان الانصراف من


1ـ احمدبن محمد ( المقدس الأردبيلي)، زبدة البيان في أحكام القران، طهران، المكتبة المرتضوية .

2ـ الكاظمي، الفاضل الجواد، مسالك الأفهام، طهران، المكتبة المرتضويّة.

3ـ الراوندى، سعيد بن هبة اللّه، فقه القران، قم، المطبعة العلميّة، الطبعة الأولى، 1397ق.

4ـ السيوري، المقدادبن عبداللّه، كنز العرفان في فقه القران، طهران، المكتبة المرتضويّة، 1385ق.

الصفحة13)

*********

الأوّل كثيرا لفهم القران بجهة العوامل المعلومة في الواقع مع حثّ الآيات على التدبّر في القران الكريم: «أفلا يتدبّرون القران أم على قلوب أقفالها»(1).

روي عن النّبي: «أنّ القران ذلول، ذو وجوه، فاحملوه على أحسن الوجوه»(2).

فالجمع بين الجميع، أنّ التفسير كشف المراد عن اللفظ المشكل بالدليل؛ عقلاً أو نصّا، أو بالدليل القطعي الآخر، فالنّص لا ينحصر بالدليل النقلي، فالتفسير بلا دليل قطعي أو شرعي تفسير بالرأي، ومع الدّليل يكون تفسيرا صحيحا.

روي عن الائمّة عليهم‏السلام ، «القران على أربعة أرباع: ربع فينا أهل البيت، وربع قصص وأمثال، وربع فرائض وإنذار، وربع أحكام، واللّه أنزل في علي كرائم القران»(3). والجواب منه: أنّ الربع لا يكون حقيقيّا، مع إمكان الربع الحقيقي وعدم إدراكنا لجميع آيات الأحكام.

طريقتنا التبويب

الفقه في اللغة الفهم، وهو أعمّ من فهم الأحكام والفرائض؛ كما في كلام النبي صلى‏الله‏عليه‏و‏آله : «ألا أنبّئكم بالفقيه كلّ الفقيه؟ قالوا: بلى، يا رسول اللّه، قال: من لم يقنط النّاس عن رحمة اللّه، ولم يؤمّنهم من مكر اللّه»(4)، وروايات أخرى في هذا الباب؛ خصوصا فهم المناطات والحقائق من الأحكام الشرعيّة لازم للفقيه وضروري له.

الطريقان المرسومان في باب الآيات في الأحكام آية آية أو باب إلى باب،


1ـ زخرف / 3.

2ـ السيد نعمة اللّه، الموسوي الجرائري، نور البراهين في أخبار السادّة الطاهرين، ج1، قم، مؤسسه النشر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1417ق، ص88.

3ـ شاذان بن جبرئيل القمّي، الفضائل، النجف الأشرف، المكتبة الحيدريّة، 1381ق.

4ـ ميرزا حسن النوري الطبرسى، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، ج4،قم، مؤسسة آل البيت عليه‏السلام ، الطبعة الثانية، 1408، ص242.

الصفحة14)

*********

لكلّ وجه منها حُسن، مع أنّ الطريقة التبويب أحسن؛ يُذكر طريق الآية بعد الآية في سورة الحمد خاصة وفقا لوصول الأمر وتمهيدا للبحث ومن باب التيمن والتبرّك أيضا.

وهذه الرسالة التي بين يدي القارى‏ء الأعزّ تكون المجلّد الأوّل من آيات الأحكام، وسيأتي المجلّدات الأخر في اللاحق إن شاء اللّه‏.

وآخر دعوانا أن الحمدللّه‏ ربّ العالمين.

الصفحة15)

*********

التمهيد: فقه الحمد

آيات الحمد الفقهيّة

«بسم اللّه»

استجاب الذكر باللّه في ابتداء كل أمر خير، وروايات الباب ناظرة إلى ذلك، ولا يستفاد منها الوجوب.

«الحمد للّه»

حمد الغير بالأصالة شرك، وبالطمع فسق.

«الرحمان الرحيم»

يستفاد من هذين الإسمين الشريفين وجوب الاعتقاد بعفو الحقّ.

«ايّاك نعبد»

العبوديّة غاية الخضوع والتذلّل للعبد في العبادة، ولا تجوز لغير اللّه، والحصر أيضا يدلّ على ذلك، ويفهم منها أيضا جواز العبادة والوجوب فيها، واستئثار العبادة له تعالى وحرمة الرياء.

«ايّاك نستعين»

يدلّ على عدم جواز الاستعانة في العبادة للّه بالغير توليةً وتوكيلاً إلاّ مع الدليل الخاصّ في المورد، و هكذا في جميع الأمور الأخرى إلاّ مع الجهة الخاصّ

الصفحة19)

*********

الضروري كما في الرواية: «إذا عطشوا قاموا من محلّهم وشربوا الماء، لم يطلبوه ممّن قرب إليه».

يفهم من: «إهدنا الصراط المستقيم» وغير هذه الآية في هذه السورة أنّ طلب الخير من اللّه راجح، بل مقتضى العبوديّة والربوبيّة.

الصفحة20)

*********

 
 
footer